الأحد، 22 يناير 2017

عبد الرحيم العلام: الدولة تنتهك الدستور



مخطئ من يعتقد أن الدولة في قضية "الأساتذة الجدد" قد خرقت محضر الاتفاق الذي وقع في 21 أبرير  2016 وحسب، بل إن "الدولة" انتهكت الدستور نفسه، وانتهكت المواثيق الدولية التي وافقت عليها، فبدل أن تترك أجهزة الدولة لجان المباراة تمتحن المترشحين وتختبر كفاءاتهم، أطلقت العنان لمقدميها وشيوخها طيلة أشهر لتتبع أنفاس المترشحين وإحصاء خطواتهم. فجاءات النتيجة كارثية: عشارات من خيرة الأطر التربوية بشهادة مدرسيهم وممتحينهم ومعدلاتهم التي حصلوا عليها في مراكز التربية والتكوين، تم منعم من ولوج الوظيفة العمومية، حيث يخبرهم المجيب الآلي برسالة قصيرة تنتمي إلى سنوات الرصاص: "اسمكم غير موجود في لجنة الناجحين". في سياق المتابعة التي نقوم بها في المبادرة المدنية، بما أننا أحد الأطراف الموقعة على محضر ابريل، وشهود على سير تطبيقه، اتصلت من جانبي بأحد المسؤولين الوزاريين (عضو لجنة المتابعة)، وسألته: ما الذي يحصل؟ هل يعقل أن فلانا وفلانا وفلانا... الذين يشهد لهم الجميع بالكفاءة لا يحصلون على 5 من 20 في خمسة مواد؟ قبل أن أكمل أسئلتي، قاطعني ذات المسؤول قائلا: أنا فعلا أستغرب كيف أن فلانا (لا داعي لذكر الإسم حتى لا نشخص القضية)، لم ينجح، إني أعرفه جيدا وأعرفه مستواه وكنت دائما أقول في نفسي هذا الشخص سيكون إضافة نوعية للجسم التربوي. ثم سألني: ما رأيك أنت فيما يحدث؟ قلت له يبدو أن غريقا استنجد بغريق.إننا أمام انتهاك ممنهج لحقوق الانسان في بلد يريد أن يزيح عنه غبار سنوات الرصاص. على الدولة أن تتراجع عن الأخطاء المجربة أكثر من مرة ولم تنجح ولا مرة، لأن التضييف لن يجلب إلا التعاطف، ولأن الانتقام لن يجلب إلا الشكوك. فكيف سيثق الناس في "دولة" تريد أن تنتقم من فئة اضرتها في لحظة من اللحظات أن تتنازل وتقبل بالخضوع لمطالبها ؟ وكيف يثق حتى الذين أعلنت الوزارة أن أسماءهم واردة في لائحة الناجحين، أنها لن تعود للانتقام منهم خلال امتحانات الكفاءة، أو تعيد التدقيق في حياتهم الشخصية لكي تستند على أي مبرر يحرمهم من وظائفهم. حاولنا أكثر من مرة تنبيه السلطات إلى أن أي تراجع عن الاتفاقات من شأنه يزكي روح الشك في الأنفس، وأنه لن يثق أي مواطن في أي وعود أو اتفاقات إذا لم تتعلم الدولة الالتزام بوعودها واحترام دستورها وقوانينها، آنذاك فقط سيتعلم الناس الثق في المؤسسات وفي الوقانين وفي الاتفاقيات.

التالي
هذا احدت موضوع.
رسالة أقدم
اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي